عن أبي بن كعب t قال : سمعت رسول الله r يقول (( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوه )). رواه البخاري في (( الأدب المفرد )) ( ) ،وأحمد في المسند ( )
وفي لفظ له (( كنا نؤمر إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ،ولا تكنوا )) .
قوله (( من تعزى )) أي : انتسب وانتمى ( )
وقوله : (( بعزاء الجاهلية )) أي : الدعوى للقبائل بأن يقول : يا لتميم ، أو يا لعامرٍ ، وأشباه ذلك ( )
وقوله : (( فأعضوه بهن أبيه )) العض : الإمساك علي الشيء بالأسنان ( ) . و (( الهن )) ذكر الرجل .
والمعنى : قولو له : أغضض بأير أبيك ، ولا تكنوا عن الأير بلفظ الهن ، تنكيلاً وتأديباً لمن دعا دعوى الجاهلية ( ) قال البغوي في (( شرح السنة )) ( ) قوله (( بهن أبيه )) يعين ذكره . يريد يقول له : أغضض بأير أبيك ، يجاهره بمثل هذا اللفظ الشنيع رداً لما أتي به من الانتماء إلى قبيلته والافتخار بهم . اهـ
وقد فعل ذلك أبي بن كعب t راوي الحديث ، فإن سبب هذا الحديث أنه سمع رجلاً قال : يا لفلان ، فقال له أبي : اغضض بهن أبيك ، ولم يكن . فقال الرجل : يا أبا المنذر ، ما كنت فحاشاً ! فقال أبي : إني لا أستطيع إلا ذلك عملاً بقول النبي r (( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا ))
وأمر بذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب t حيث قال : (( من اعتز بالقبائل فأعضوه أو فأمصوه )) رواه ابن أبي شيبة في (( المصنف )) ( )
بل كتب عمر بن الخطاب t إلى أمراء الأجناد : (( إذا تداعت القبائل فاضربوهم بالسيف حتى يصيروا إلى دعوة الإسلام )) . رواه ابن أبي شيبة في (( المصنف )) ( ) أيضاً .
ومعنى : (( يصيروا إلى دعوة الإسلام )) أي : عزاء الإسلام ، أي يقول : يا للمسلمين . وقد جاء أثر عمر t هذا عند أبي عبيد بلفظ : (( سيكون للعرب دعوى قبائل ، فإذا كان ذلك فالسيف السيف ، والتل القتل حتى يقولوا : ياللمسلمين )) ( ).
وفي لفظ نحوه لابن أبي شيبة – أيضاً - ( ) : (( يقولون يا أهل الإسلام ، يا أهل الإسلام ))
وذكر أبو عبيد في (( غريب الحديث )) ( ) : أن رجلاً قال بالبصرة : يا لعامر ! فجاء النابغة الجعدي بعصبة له فأخذته شرط أبي موسي ، فضربه أبو موسى خمسين سوطاً بإجابته دعوى الجاهلية . ا هـ .